أمسكت الشابة الصغيرة حنان بالورد لكي
تعده بطريقة جميلة في "الزهرية" الخاصة بوالدتها المريضة. وكانت الممرضة
مارسيل تراقب حنان باهتمام شديد. وإذ بدأت حنان تضع الورد في الزهرية قال
لها مارسيل: ماذا تفعلين يا حنان؟
- أعد باقة ورد جميلة لوالدتي المريضة.
- حقًا أنه ورد جميل، ووالدتك رقيقة الطبع ومملوءة حبًا لك بل ولكثيرين. لكن انتظري.... لا تضعي الورد في الزهرية.
- لماذا؟
قبل أن تجيب مارسيل على السؤال جرت نحو حجرة حنان، وجاءت
بالزهرية الخاصة بها، ثم قالت لها: لا يا حنان، لا تضعي هذا الورد في زهرية
والدتك، بل ضعيه في زهريتك، فإنه ورد جميل وأنت شابة صغيرة تحبي الجمال
والرائحة العطرة.. ليبق الورد في حجرتك حتى يذبل، وعندئذ ضعيه في زهرية
والدتك!
لم تصدق حنان أذنيها، فقد عرفت في الممرضة مارسيل حبها الشديد لوالدتها، واهتمامها بها، ورقتها في التعامل معها، بل وذبلها لنفسها.
قالت حنان لمارسيل في غضب: ماذا تقولين؟ أتمزحين؟!
- لا يا حنان إني أتحدث بملء جدية!
- هل أقدم لوالدتي ورودا ذابلة؟!
ابتسمت مارسيل ابتسامة عذبة وأحاطت خصر حنان وقبلتها وهى تقول
لها: إنك ابنة وافية تقدمين أجمل ما لديك لوالدتك المريضة. تقدمين لها
الورد في نضرته بجماله ورائحته الذكية، ولا تنتظري حتى يذبل، لئلا يحسب هذا
إهانة لها، وعدم محبة ووفاء!
لكنني أود أن أسالك: لماذا تحتفظين بالورود الجميلة لك حتى تذبل لتقدميها لإلهك الذي يحبك؟.... أما تحسبين هذا إهانة له؟!
في دهشة تساءلت حنان حنان: كيف ذلك؟
أجابتها مارسيل: إلهك يطلب قلبك وحياتك وأنت فتاه صغيرة،
مملوءة حيوية ونضرة. لكنك تؤخرين نفسك عنه حتى تتقدمي في الأيام إلى
الشيخوخة، فتقدمين لله حياتك بعد أن تفقدي حيويتك! وفي نفس الوقت ترددي إنك
تحبينه!
ـ قدم هابيل من أبكار غنمه ومن سُمانها، هب لي يا رب أن أقدم أثمن ما في حياتي لك!
على الدوام تطلب إلى، "يا ابني أعطني قلبك، ولتلاحظ عيناك طرقي"..
هوذا قلبي وفكري وكل حياتي بين يديك.