بارك يا رب أعدائي

بارك يا رب أعدائي



بَارك يا ربّ أعدائي كما أُباركهم أنا أيضا و لا ألعنهم
لقد دَفع بي أعدائي إلى أحضانك أكثر مما فعله أصدقائي
و سمّرني الأصدقاء بالأرض و لكن الأعداء حرروني منها
فقضيتُ على كل مطامحي في هذا العالم
جعلني أعدائي غريباً عن الممالك الأرضية و دخيلاً على العالم
و كما يلجأ الحيوان المُطارد إلى ملجأ آمن من ذاك المطارد هكذا أنا
تحت وطأة اضطهاد الأعداء , وجدت الملجأ الأكثر أماناً بلجوئي تحت خيمتك
حيث لا الأصدقاء , و لا الأعداء يقدرون علي أن يزهقوا روحي

بارك يا رب أعدائي كما أُباركهم أنا أيضاً و لا ألعنهم
لقد اعترفوا بخطاياي أمام العالم بدلاً مني
لقد عاقبوني عندما توانيت و ترددت عن معاقبة نفسي
لقد عذبوني , عندما حاولت الهروب من العذاب
لقد أنبوني عندما مدحت نفسي
لقد بصقوا علي عندما امتلأت كبرياء

بارك يا رب أعدائي كما أُباركهم أنا أيضاً و لا ألعنهم
في كل مرة جعلت نفسي حكيما , جعلوني جاهلاً
في كل مرة جعلت نفسي قويا , سخروا مني كقزم ضعيف
في كل مرة أردتُ أن أقود الناس , نبذوني إلى المؤخرة
في كل مرة أردتُ أن أجعل نفسي غنياً , منعوني بيد من حديد
في كل مرة فكرتُ أن أنام بهدوء , أيقظوني من النوم
في كل مرة أردتُ أن أبني منزلاً لحياة طويلة آمنة , دمّروه و هجّروني منه
حقّاً قد حررني الأعداء و قطعوني عن العالم , و أنا مددت يديّ لألمس هُدب ثوبك

بارك يا رب أعدائي كما أُباركهم أنا أيضاً و لا ألعنهم
باركهم و كثّرهم . كثّرهم و اجعلهم أشدّ عداوة لي
لكي يكون لجوئي إليك بلا رجوع
لكي تتشتّت آمالي بالناس كتمزّق بيت العنكبوت
لكي يسود الهدوء الحقيقيّ نفسي
لكي يصبح قلبي مقبرة لشّري الغضب و الكبرياء فيَّ
لكي أقدر أن أجمع الكنز السماوي
آه لكي أتحرر و لو لمرة من الإحباط , الذي يجعلني أتخبط في شِِباك الحياة الرهيبة الواهية
علّمني الأعداء ما لم يعلّمه أحد لي
و هو أنّه لا عدوّ للإنسان في هذا العالم سوى نفسه
الإنسان يكره أعداءه , عندما لا يدرك أنّهم ليسوا بأعداء بل أصدقاء ألدّاء
من الصعب علي أن أعرف , من صنع لي خيراً أو شراً في هذا العالم : الأصدقاء أم الأعداء ؟
فبارك يا ربّ أصدقائي و أعدائي جميعا ً
العبد يلعن الأعداء لأنه لا يفهم
أمّا الأبن فيباركهم , لأنه يعلم …..
يعلم أنّ أعداءه لا يقدروا على أن يهددوا حياته
لذلك يتنقّل بحرّية بينهم , و يصّلي من أجلهم

بارك يا ربّ أعدائي . كما أُباركهم أنا أيضاً ولا ألعنهم ….
القديس نيقولا فليميروفيتش



0 التعليقات:

إرسال تعليق

سلام ونعمه

يتم التشغيل بواسطة Blogger.