صورة الأرشيدياكون حبيب جرجس للتلوين

صورة الأرشيدياكون حبيب جرجس للتلوين



صورة تلوين للقديس الأرشيدياكون حبيب جرجس عميد الكلية الإكليريكية ، و مؤسس مدارس الاحد التى تعتبر أكبر المشروعات الإصلاحية فى تاريخ الكنيسة القبطية  .
فى بداية القرن التاسع عشر احس الأقباط بمدى التراجع الذى اصاب كنيستهم طيلة القرون الماضية نتيجة للإضطهادات المتوالية منذ القرن السادس الميلادى ، وبدأت مجموعات من المصلحين عملها بإنشاء مجلس قبطى من شخصيات متميزة ليشارك البطريرك فى إدارة الكنيسة وسمى هذا المجلس بالمجلس الملى ، لكنه تصادم مع قيادة الكنيسة وغرق فى الصراع على السلطة داخل الكنيسة بدلاً من إصلاحها ،ولم يستطع ان يفعل أى شئ  لانه حاول الإصلاح من القمة (القيادة) وليس القاعدة (الشعب)  اما حبيب جرجس فقد فعل العكس فقد إهتم بشعب الكنيسة ( بخاصة الشباب والأطفال ) مدركاً ان هؤلاء هم من سيخرج منهم قادة الكنيسة فى المستقبل وهم من سيصلحها . دون أن ينشغل بالمهاترات والهجوم الشخصى ودون ان يدخل فى صراعات. ودون أن ييأس فقد كان يقول دائماً :  إن اليأس من الخطايا الكبرى .
ولد حبيب جرجس بالقاهرة عام 1876م من والدين تقيين
وفى عام 1882 تنيح والده وهو يبلغ من العمر 6 سنوات
وأنهى دراسته بمدرسه الأقباط الثانوية في عام 1892م .
استطاع البابا كيرلس الخامس أن يبنى و يفتح الاكليريكيه يوم 29 /11/1893م وقد تقدم حبيب لكون من طلبة الدفعة الاولى لها وتم قبوله والتحق بها. لكن أحوال الكلية  كانت سيئة ومتعثرة فلم يكن هناك مدرس لتدريس الدين المسيحى بالكلية الإكليريكية وكثيراً ما كتب الطلبة إلى غبطة البابا كيرلس ، وإلى هيئة اللجنة الملية وقتئذ يطلبون تعيين مدرس للدين . وظلت المدرسة أربع سنوات كاملة من غير مدرس للدين، فما كان من أن تركها أكثر الطلبة.
ولما كثرت الشكاوى قررت اللجنة الملية تعيين مدرس للدين هو القمص فيلوثاؤس الذى كان ناظراً للكلية الإكليريكية . وكان الرجل الوحيد المتضلع في الدين في ذلك العصر.ولكنه كان كبير السن و مريض فدرس للطلبة خمسة عشر يوماً فقط ثم أغمى عليه فى الكلية و حملوه إلى بيته و ظل هناك و لم يرجع للكلية حتى نياحته, فكان حبيب جرجس يذهب أليه و يتعلم منه و يرجع للكلية و يقرأ من المكتبة ثم يذهب للقمص فيوثاؤس و يسأله و يناقشه . وقد تم تعيين حبيب جرجس مدرس للدين لطلبة الكلية وهو مازال فى السنة النهائية ، فلشدة إخلاصه ونبوغه كان تلميذاً وأستاذاً فى نفس الوقت.
ويذكر لنا التاريخ إن في عظته الأولى وقف البابا كيرلس الخامس ( 1874 – 1927 ) يبارك الحاضرين بصليبه طيلة وقت العظة !! وكان عمر حبيب وقتها لا يتعدى الثلاث والعشرين سنة.
عينه البابا كيرلس الخامس مديرا للكلية الاكليريكية , فإهنم بزيادة عدد الطلاب و زيادة عدد المدرسين , وادخل فيها تدريس مواد المنطق والفلسفه و علم النفس , و اللغتين العبرية و اليونانية وزيادة العناية باللغة العربية والانجليزيه, والقبطية و التاريخ. كما اهتم برفع مستوى  المعيشة بالقسم الداخلي لمبيت الطلاب ليكون في مستوى لائق و مريح.
وقد جمع الأموال من مصادر كثيرة لبناء مبنى مناسب للكلية ، منها أنه أقنع سيدة تقية متقدمة فى السن اسمها خرستا جرجس فأوقفت 6 أفدنه للاكليريكية و 3 أفدنه للجمعية الخيرية, كما قام بشراء اشترى نحو 365 فدانا بالمنيا للاكليريكيه وقام أيضاً بشراء  المنازل المحيطة بها حتى أصبحت المساحة 5399 مترا مربعا.
لما رأى البابا ازدهار الاكليريكيه طلب ممن الاساقفه إن يكون رسامه الكهنة الجدد من خريجى الاكليريكيه فقط في عام 1946
م أنشا حبيب جرجس القسم الليلي الجامعي ( لخريجي الجامعات) و كان قداسه البابا شنودة الثالث أول خريجى هذا القسم.
ورأى حبيب جرجس أن خدمته بالوعظ و تعليم الكبار لم تكن كافية للنهوض بالكنيسة القبطية , ففكر فى الإهتمام بالأطفال الصغار فأسس مدارس الأحد سنه 1900م وكان تأسيسة لمدارس الأحد هو العمود الرئيسى التى قامت عليها نهضة الكنيسة القبطية فى القرن العشرين والواحد وعشرين , ولما أنتشرت مدارس الأحد فى كنائس الأقباط فى ربوع مصر وقراها رأى أنها تحتاج إلى مناهج وكتب ولائحة فوضع لها لائحة, و مناهج و كتبا.  ‏كان‏ ‏هدف‏ه ‏‏ ‏هو‏ ‏تربية‏ ‏الأطفال‏ ‏وفقا‏ ‏للتعاليم‏ ‏المسيحية‏ ‏وتعويدهم‏ ‏علي‏ ‏خدمة‏ ‏وطنهم‏.‏
وكان كالشعلة المنيرة تنير كل ما حولها من طاقات الشباب فكان يحث و يشجع الشباب على الانضمام للخدمة و خاصة طلبه الكليه حتى يتمرنوا ويتدربوا . و لكن الفكرة الحديثة كانت غريبة فى عيون الأقباط وجديدة على الكنيسة في ذلك الوقت فلم تنتشر بسهوله بل كانت بعض الكنائس تغلق أبوابها إمام الأطفال بحجه أنهم لا يحافظون على نظفه الكنيسة أو أن يكسروا الكراسي الخشبية .
ولكن مع الصلاة و الصبر والمثابرة زاد انتشار مدارس الأحد في القاهرة ثم امتد للاسكندريه و باقي المدن أيضا , ثم إلى القرى حيث خرج الخدام يبشروا فى الكنائس لأطفال الأقباط بالمسيح وامتدت خدمه مدارس الأحد إلى السودان وأثيوبيا .
‏وفي‏ ‏يونية‏ ‏سنة1949 ‏أصدر‏ ‏النظام‏ ‏الأساسي‏ ‏لمدارس‏ ‏الأحد‏ ‏القبطية‏ ‏الأرثوذكسية‏ ‏وجامعة‏ ‏الشباب‏ ‏القبطي‏
وكان‏ ‏تخطيطه‏ لمناهج مدارس الاحد أن يكون لها ‏طابع ‏علمي ‏لتطبيق‏ ‏قواعد‏ ‏التربية‏ ‏الحديثة‏ ‏وأصول‏ ‏علم‏ ‏النفس‏ ‏.
‏وأن‏ ‏لايكون‏ ‏الهدف‏ ‏من‏ ‏تدريس‏ ‏الدين‏ ‏حشو‏ ‏ذهن‏ ‏الطفل‏ ‏بالمعلومات‏ الدينية ‏بل‏ ‏بإتاحة‏ ‏الفرص‏ ‏له‏ ‏بتطبيقها‏ ‏في‏ ‏حياته‏ ‏اليومية كإنسان مسيحى بتعامل مع الحياة بالمبادئ المسيحية التى أساسها المحبة ‏,
‏ ‏وجه‏ ‏اهتمامه‏ ‏لطفل‏ ‏وشاب‏ ‏القرية‏ ‏مخططا‏ ‏المناهج‏ ‏والمشروعات‏ ‏فافتتح‏ ‏لهم‏ فصولا‏ ‏مسائية‏ ‏لمحو‏ ‏الأمية‏ ليتمكنوا من ‏ قراءة‏ ‏الكتاب‏ ‏المقدس‏ ‏والكتب‏ ‏الدينية‏ ‏الأخري‏ ‏مثل‏ ‏تاريخ‏ ‏الكنيسة‏ ‏ كما‏ ‏خطط‏ ‏لنماذج‏ ‏من‏ ‏الحفلات‏ ‏الدينية‏ ‏البسيطة‏ ‏بالقرية‏ ‏التي‏ ‏دعي‏ ‏لإحيائها‏ ‏من‏ ‏حين‏ ‏لآخر‏.‏
ومرت السنوات وتأخرت الثمار .. ولم ييأس حبيب جرجس بل استمر في عمله عارفا أن الله هو الذي ينمى .. وأخيرا أنبتت الأرض الجدباء ثمارا . ونتعجب جدا حينما نعرف انه قبيل نياحة حبيب جرجس كان عدد المخدومين حوالي 200 ألف وعدد الخدام نحو عشرة آلاف وامتدت الخدمة في مصر كلها وكذلك إثيوبيا والسودان !!
وصارت مدارس الأحد هي العمود الفقري للكنيسة القبطية ونهضتها .. وتكللت تلك النهضة المباركة بجلوس الأنبا شنودة أسقف التعليم وابن مدارس الأحد على كرسي مارمرقس 1971.
أصدر مجلة دينية غسمها الكرمة والف كثير من الكنب المسيحية.
انشأ حبيب جرجس جمعيات للوعظ و التعليم, منها جمعيه أصدقاء الكتاب المقدس, جمعيه الأيمان المركزية, و جمعيه المحبة لتربيه الأطفال, كما كان عضوا في جمعيه النشاه بحاره الساقين,و في الجمعية الخيرية القبطية. و ادخل الجمعيات في الاكليريكيه فأنشأ جمعيه جنود الكنيسة, و جمعيه
الخريجين و جمعية كلمه الخلاص و عملت هذه الجمعيات في 84 مركزا و انشات كنائس في الصف و القناطر و عين شمس و الماظه.
و استخدم شعره في وضع 3 كتب تراتيل حسب عقيدة الكنيسة الارثوذكسيه كما اهتم بترجمة الاربعه بشائر إلى القبطية.
من أقواله بل وآماله للأقباط :
” بقيت الكنيسة القبطية في اضمحلال وضعف مدة خمسة عشر قرناً… وإن حق لنا أن نصف هذا العصر فإننا نسميه عصر الظلام، وعصر الركود والتأخير.
جاهد لمدة تزيد على ربع قرن ليدخل تعليم الدين المسيحي ضمن مقررات المدارس الأميرية .. ونجح في ذلك وساعده الزعيم سعد زغلول حينما تولى إدارة المعارف في عام 1907 وقرر تدريس الدين المسيحي في المدارس وعندما ظهرت مشكلة المناهج ..ظهر حبيب جرجس كالعادة ووضع المناهج المطلوبة واعتمدتها وكان الواعظ في وقت اختفت فيه كلمة الله من على المنابر وكانت العظات مسجوعة وموروثة ومتكررة ..
لقد جال في بلاد مصر لمدة خمس سنوات يكرز ويبشر ويدافع عن عقيدة الآباء في وقت اشتد فيه الهجوم من الطوائف المختلفة .. مدافعا عن الهوية القبطية والكنيسة الوطنية.. ومشتركاً فى لجنة التاريخ القبطي .. ولجنة ترجمة الكتاب المقدس من القبطية وبالفعل أصدر ترجمة قيمة للأناجيل الأربعة .. واشترك في ثلاث دورات للمجلس الملي وكان صوتا للحق دون صخب .. ورمزا للحب دون تهاون .. وكان حبيب جرجس عضوا في لجنة الأحوال الشخصية ولجنة الاكليريكية بالطبع فقد كان مديرها .. وقدم للمجلس مذكرتين في عام ابريل 1936 لإصلاح الكنائس والنهوض بالتعليم . وشكره الأعضاء على غيرته.. ولم ينفذوا منها شيئا .
عندما تقدم به العمر ووجد إن كثير من أحلامه للكنيسة لم تتحقق .. سطر أحلامه في كتابه “الوسائل العملية في الإصلاحات القبطية ” ( 1943) لعلها تجد من يؤمن بها وينفذها أو يسير على طريقها.ولم تمت أحلامه بل ظلت تحلق في سماء الكنيسة حتى تحقق الكثير منها على يد أولاده وهم كثيرين واولهم قداسة البابا ششنودة الثالث.
تنيح اعشية عيد العذراء 21 أغسطس 1951م عن عام 75 عاما, بعد حياه عاشها في جهاد روحي و عطاء مستمر وقد عاش بتولاً فلم يتزوج ولم ينجب فقد كانت حياته كلها مكرسة لخدمة الكنيسة.
في 18 يناير 1994م و في مدفن عائلته في الجبل الأحمر قد تم الكشف لرفات الارشدياكون حبيب جرجس و بعد أكثر من 42 عاما على نياحته فوجد يملا التابوت طولا و عرضا في تماسك و صلابة العظام, أيضا ملابسه ما تزال بحالتها لم تتطرق لفساد القبر ، و فى ذكرى نياحه حبيب جرجس يوم 21 /8/1990م افتتح قداسه البابا شنودة متحف حبيب جرجس في الأنبا رويس.
اعتراف المجمع المقدس بقداسته:
بعد مرور أكثر من ستين عامًا على نياحتة وافق المجمع المقدس لكنيستنا القبطية الأرثوذكسية برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني على الاعتراف رسميًا بقداسة الأرشيدياكون حبيب جرجس وذلك في جلسته بتاريخ 20 يونية 2013م فى نفس الجلسة التى تم الاعتراف فيها بقداسة البابا كيرلس السادس البطريرك 116.




0 التعليقات:

إرسال تعليق

سلام ونعمه

يتم التشغيل بواسطة Blogger.