أطفال بيت لحم
الأنبا كيرلس أسقف نجع حمادي
عندما
جاء المجوس إلي أورشليم طالبين معرفة مكان مولد السيد
المسيح أثار ذلك حفيظة هيرودس واستشعر خطرا معتقدا أن
المولود سينافسه في حكمه الأرضي! وثارت في نفسه غيرة
وحقد... وميلاد ملك لليهود بحسب قول المجوس يعني تحديا
لملوكيته الداخلية علي اليهود وخطرا يداهم عرشه. فجمع كل
رؤساء الكهنة وكتبة الشعب, وسألهم أين يولد المسيح؟
فقالوا له: في بيت لحم اليهودية. لأنه هكذا مكتوب
بالنبي: وأنت يا بيت لحم, أرض يهوذا لست الصغري بين
رؤساء يهوذا, لأن منك يخرج مدبر يرعي شعبي إسرائيل
وكان هيرودس يريد أن يتحقق من ميلاد غريمه ومنافسه,
حينئذ دعا هيرودس المجوس سرا, وتحقق منهم زمان النجم
الذي ظهر وتلك السرية التي أحاطت لقاء المجوس بهيرودس
الملك تكشف نوياه السيئة, أي أنه كانت لديه شهوة القتل
الجماعي ليحتفظ بعرشه الزائل. ثم أرسلهم إلي بيت لحم,
وقال اذهبوا وافحصوا بالتدقيق عن الصبي. ومتي وجدتموه
فاخبروني, لكي آتي أنا أيضا واسجد له... ظن الملك
القاتل أنه استطاع أن يجند الحكماء ليعملوا علي تسهيل
مهمة اغتيال هذا الملك الغريم... متوهما أنه أتي بهم
ليدبروا له مقتلا لمن جاءوا ليقدموا له عباده وسجودا,
ولم يعلم أن مسيرتهم كانت تحت قيادة سماوية حينئذ لما
رأي هيرودس أن المجوس سخروا به غضب جدا, فأرسل وقتل
جميع الصبيان الذين في بيت لحم وفي كل تخومها, من
ابن سنتين فما دون, بحسب الزمان الذي تحققه من المجوس.
فقد هيرودس إحساسه الآدمي بالنسبة للأطفال الصغار قتلهم
بكل غيله وغدر كانت جريمته في قتل أطفال بيت لحم
الذكور هو المقابل لقتل فرعون الذكور من شعب إسرائيل
بلا رحمة حتي يفني الشعب فالنية السيئة واحدة والتنفيذ
الإجرامي مطابق وكان الخوف علي موسي وهو في المهد
رضيعا من سيف فرعون هو نفس الخوف علي يسوع الطفل من
سيف هيرودس, ولكن الطفل الذي ركز عليه هذا السفاح نجا
بإرداته لينجي العالم بعد ذلك بموته! حينئذ تم ما قيل
بإرميا النبي القائل: صوت سمع في الرامة, نوح وبكاء
وعويل كثيرا راحيل تبكي علي أولادها ولا تريد أن
تتعزي, لأنهم ليسوا بموجودين تحققت نبوة إرميا النبي:
قتل أطفال بيت لحم وهم علي حجور أمهاتهم وعلي أكتافهن
ولهذا نسب البكاء إلي راحيل لأن الأم أكثر تفجعا وأشد
رقة علي الأولاد من الأب. أما قول النبي ولا تريد أن
تتعزي فلكونهم قتلوا ظلما ولكثرة من قتل منهم, وورث
هؤلاء الأبرياء ملكوت السماوات ونالوا الاستشهاد مقام
العماد.