الغنيّ الجاهل للقديس باسيليوس الكبير




“وكلّمهم بمثل قائلا: رجل غنيّ أخصبت أرضه كثيرا” (لوقا ١٢: ١٦). لقد غلّت الأرض كثيرًا لرجل لم يشأ ان يعمل شيئا صالحا من غلّته ليظهر لنا طول أناة الرب غير المحدودة. الرب أرسل المطر الى الأرض، والرب أرسل حرارة الشمس للبذور. ان الأهراء ضاقت من وفرة الغلة لكنها لم تملأ قلب البخيل الذي كان يكدّس الجديد مع القديم، واذ لم يبقَ عنده محل للغلة قال: ماذا أصنع؟
من لا يشفق على انسان موجود في حالة ضيق كهذه؟ لقد جعلته الغلّة في حالة يُرثى لها فأمسى مستحقّا الشفقة. لقد أنبتت له الارض التنهدات والأحزان، وقدمت له الاهتمامات والصعوبات المخيفة. إن الطماع ينقبض حينما يخطر في باله انه يسبب سرورا للآخرين. الخيرات تتدفق من المخازن ونفسه ترتعد خشية أن يسقط شيء من الحبوب خارجا فيستفيد منها الآخرون. ان مرض الغني الطماع كمرض الشره الذي يؤثر ان يتمزق من النهم والشراهة على أن يشاطره المحتاجون فضلات الطعام.

الإنسان.. كائن صغير لكنّه عَالَمٌ كبير - القديس باسيليوس



مقدّمة
يقول باسيليوس في عظته "أصل الإنسان": "صحيح أنك (أيها الإنسان) كائنٌ صغير لكنّك عالَمٌ كبير (1/2).. فيكشف بهذه الجملة الصغيرة عن المفهوم الأصيل للأنثربولوجيّة المسيحيّة، التي تتلخّص بمفهوم فرادة الإنسان وقيمته الكبرى في نظر الله. فهو ليس تطوّر في الخليقة، بل الخليقة إن وجدت فمن أجله!..
الإنسان هو غاية الله في الخلق
لا يدرس باسيليوس العالم باستقلال عن الإنسان وغاية الله في خلقه، وهكذا ينجح في إقامة علاقة بين علم الكون (الكسمولوجيا) وعلم الإنسان (الأنثربولوجية). فعلم الكون بكونه كشفاً فهو يهدف إلى كمال الإنسان، فالعالم المخلوق ليس له قيمة بحدِّ ذاته إنما يأخذ قيمته من الإنسان الموجود فيه. العالم (الكوسموس) مكان لكمال الإنسان.. وهو يأخذ بُعداً "غائيّاً" لأن القوى الإلهية تنكشف فيه وتفعل. وهو أيضًا مدرسة لمعرفة الله، لكن "المعرفة" (غنوسيس) التي يتلقاها من الإعلان الطبيعي محدودة، لأن أعمال الله لم تخرج من الجوهر الإلهي.
"نؤمن بالله.. ونؤمن بأنه خلق السماء والأرض. فلنُمجّد حكمة الله الخالق وعظمة الخليقة؛ إن جمال الخلائق تكشف لنا كم هو جميل الذي أوجدها؛ كما أن عظمة الأشياء المخلوقة تبيّن لنا طبيعة خالقها الغير المتناهية" (عظة على أيام الخليقة 1/2)..
فالطبيعة لا تكشف عن هذا الجوهر كما أن البيت لا يكشف عن جوهر البناء. والإنسان عندما ينظر إلى الخليقة بنور الكشف الإلهي يمجد الصانع الحكيم، لأن جمال المخلوقات يذكّره بالجمال الفائق. إن العالم بعد السقوط يئنّ ويتمخّض مع الإنسان الذي افتقر من النعمة، لكن العالم هو المحل الأمثل لكي يدربه ويربيه. كل ما في الطبيعة يتطلع بشوق إلى الرجوع إلى واهب الحياة. فمعنى العالم لا يوجد في بدئه لكن في غايته. الغاية تعطي قيمة للحاضر ومعنى للماضي. فالتاريخ يسير في الزمن لأن جسد المسيح لم يكتمل بعد وملء الجسد يفترض اكتمال التاريخ كله. لذلك فنهاية العالم والزمان شيء طبيعي ولكنه مجهول. كل ما هو مركّب في طبيعته لا يمكن أن يكون أزلياً لأنه سينحلّ. فهذا العالم مائت لأن تكوين المنظورات مركّب وكل ما هو مركّب ينحلّ لكن حيث لا يوجد فناء فهناك الثبات أي ملكوت الله.
"من خلال هذه الحقائق الواضحة تكتشف (أيّها الإنسان) نفسك، وبالوقت نفسه تكتشف الله.. فتعبده، وتعتبره السيّد المطلق للحياة والمصير، وتعترف بأنه الأب الحنون المحسن" (6/1).

تصميمات للقديس باسيليوس الكبير رئيس اساقفة قيصرية الكبادوك

تصميمات للقديس باسيليوس الكبير رئيس اساقفة قيصرية الكبادوك

 






كاتدرائية القديس باسيليوس الكبير بموسكو

كاتدرائية القديس باسيليوس الكبير بموسكو









صور كنيسة ودير الانبا صرابامون بديروط الشريف

صور كنيسة ودير الانبا صرابامون بديروط الشريف

القديس العظيم الانبا صرابامون الاسقف والشهيد
أسقف نقيوس








رسالة القديس باسيليوس الكبير إلي صديقه القديس إغريغوريوس




إن البعد عن العالم قدم لنا فرصة ممتازة لنهدئ نفوسنا، ونأخذ وقتاً كافياً لنطرد انفعالاتنا الرديئة من نفوسنا، لأنه كما يروض الحيوان المفترس بالعصا، كذلك أيضا يمكن بالبعد عن العالم، أن نهدّأ غضبنا، وخوفنا، وضغوطنا العصبية التي تسمم أجسادنا وتحطم نفوسنا، وبذلك نستطيع أن نعيش في جو من السلام الذي فيه نتحرر من الإضطرابات المستمرة، ونضمن لنفوسنا أن تخضع بسهولة للطريق السليم.

لابد أن نبحث عن مكان منفرد، نجعله بعيداً بعداً تاماً عن الاتصال بالآخرين، ولعلنا بذلك نستطيع أن نتقدم في خبراتنا الروحية، في طريق بلا عثرات، وتتغذى نفوسنا بفكر الله.

لا يوجد في هذا العالم أفضل من أن نتشبه بالملائكة المرتلين، فعند ابتداء اليوم نقدم الصلوات والتراتيل لكرامة الخالق، وبعد أن تظهر أشعة الشمس، نخرج إلى العمل ونمزجه بالصلاة والتراتيل، حتى يخفف أعبائنا، لأن ألحان التراتيل تجلب السرور، وترفع آلام نفوسنا.

الهدوء هو الخطوة الأولى لتنقية أرواحنا، فعندما لا تتكلم عن أمور البشر، توقف فوراً عن أن تنظر حولك، بحثاً وراء تقييم البشر. لا تبدد هدوء نفسك، بأن تنشغل بالأصوات العذبة، أو الألفاظ المنمقة، فكل هذه تسبب ضرراً عظيماً للنفس.

إن النفس التي هي ثابتة وغير مشتتة الفكر في العالميات، تستطيع بسهولة أن ترجع إلى ذاتها، وتبدو مسرعة في رحلة بعيدة، لتكون واحدة مع الله، ثم تنمو وتلمع وتتألق مع الجمال السمائى، وتبدأ في أن تنسى طبيعتها، فلا تفكر في الطعام أو الملبس الجسدان الذي يشغل النفس، ولكنها تترك جميع الأشياء الدنيوية، ومتطلبات الحياة الفانية، وتركز بكل قوتها، حتى تصل إلى الصلاح الأبدي.

بالتأكيد لا توجد طريقة أخرى أفضل من هذه التي تحدثنا عنها، حتى تصل بشجاعة إلى العدل والاعتدال في جميع أمورك، وتدرك كل الفضائل الأخرى بمختلف صفاتها، هذه التي حرص المتضعون لاقتنائها، فسلكوا سلوكاً حسناً في كل أيام حياتهم.






صلوات السواعي القديس باسيليوس الكبير




ولأن البعض يستخدم الصلاة وترتيل المزامير كذريعة لإهمال أعمالهم، من الضروري أن نضع في إعتبارنا أنه فيما يخص بعض المهام الأخرى هناك وقت مخصص لها، وفقا لكلمات الجامعة: "لكل شيء زمان" (جا 3)، أما بالنسبة للصلاة والمزامير – وبعض المهام الأخرى – فكل ساعة تعتبر ساعة مناسبة، لأنه بينما تكون أيادينا مشغولة في واجباتها يمكننا تمجيد الله، بعض الأحيان باللسان عندما يكون الأمر ممكناً - أو بالأحرى عندما يكون نافع للبنيان - وإذا لم يكن باللسان فبالقلب، بمزامير وتسابيح وأغناني روحية كما هو مكتوب (كو 3: 16). هكذا يمكننا تتميم واجب الصلاة ونحن في غمرة أعمالنا، مقدمين الشكر لذاك الذي منح أيادينا القوة لتأدية أعمالنا، والذكاء لعقولنا لإكتساب المعرفة، ولكونه ذودنا بالمواد – سواء إن كانت عِدّد وأدوات نستخدمها أو تلك التي تُشكل مواد الفنون أو الصناعات التي نمتهنها – مُصلين أن تكون أعمال أيادينا موجهة نحو غايتها، أي نحو مسرة قلب الله.

الصوم للقديس باسيليوس الكبير

الصوم للقديس باسيليوس الكبير




أنفخوا في راس الشهر بالبوق وفي يوم احتفال عيدكم الكبير" (مز4:80). هذا أمر نبوي. أما بالنسبة لنا، فإن مقاطع إشعيا التالية تنبئ بعيد الأيام المقبلة بصوت يفوق كل بوق من حيث قوته وكل آلة موسيقية من حيث خاصيّتها. هذه الأقوال تدع جانباً الصوم اليهودي وتُظهر لنا الصوم الحقيقي على طريقته القويمة: "عندما تصومون انظروا أن لا تكونوا في خصومة أو مشاجرة مع الناس الآخرين، بل اجعلوا حدّاً لكل ظلم طارئ" (إشعيا 4:58-6). أما الرب يسوع فيقول: "متى صمتم فلا تكونوا عابسين… أما أنت فاغسل وجهك وادهن رأسك"(متى16:6-17). لأنه لا يكلّل أحد ولا يحوز على راية الظفر إن كان وجهه عابساً أو قاتماً.

لا تكونوا عابسين وأنتم تستعيدون صحتكم. فإنه لا بدّ لنا أن نتهلل لصحة نفسنا، ولا مجال للحزن بسبب تبدّل الطعام وكأننا نؤثر ملذّات البطن على منفعة نفسنا، لأن الشبع يقف إحسانه عند حدود البطن، أما الربح الناتج عن الصوم فهو يَنفذ إلى النفس. كن فرحاً لأنك أعطيت من قبل طبيبك دواء ينـزع الخطايا. لا تبدّل وجهك كما يفعل المراؤون. إن الوجه يتبدل عندما يظلم الداخل مع التظاهر الخارجي، وكأنه مخفي وراء ستار كاذب.

الحسد للقديس باسيليوس الكبير

الحسد للقديس باسيليوس الكبير




لا تحتوي النفس البشرية على خصلة مهلكة كالحسد، فكما يأكل الصدأ الحديد هكذا يأكل الحسد النفس التي يسكنها. وكما يقرض العث الثوب يلتهم الحسد النفس التي يتولد فيها. الحسد هو الغمّ بسبب سعادة القريب. ولذلك يظلُّ هذا الحزن بلا نقصان، لأن لا تعزية للحسود غير ان يرى بأم عينه سقوط من يحسدهم، ولأن قصده واحد، وهو أن ينقلب حال من يثير حسده من السعادة الى التعاسة. قد يصطلح حال الحسود ويتغير اذا رأى قريبه باكيًا او صادفه كئيبًا. فهو عدو الحاضر وصديق الهالك.
الحسد نوع غامض من الخطيئة. الاحسان يجعل بعض ذوي النيات الرديئة ودعاء، ولكنه يزيد الحسود غيظًا لانه يحزن من قوة المحسن ولا يشعر بالشكر نحو المحسن اليه. الحسود يفوق أشد الحيوانات شراسة وقساوة. يصير الكلب وديعًا إن أطعمته، والاسد أليفا إن عُنيت به، أما الحسود فيزداد شراسة إن قدمت خدمة له.
إن أذنب أحد، نشر الحسود الذنب عاجلاً ليعرف الملأ به كما يفعل المصوّر الرديء بالوجه المرسوم على اللوحة. الحسود ماهر في جعل الممدوح محتقرًا، محوّلاً إياه الى وجه رديء ومفتريًا على الفضيلة ومصورًا صاحبها كأثيم. الحسود يدعو الشجاع وقحًا، والعفيف عديم الإحساس، والعادل قاسيًا، والعاقل خداعًا، والكريم مبذرًا، والمقتصد بخيلاً. وعلى الإجمال يعطي كل فضيلة اسمًا يناقضها.
فاذا كان الموت والابتعاد من الله وزوال كل الخيرات يسيل الينا من الحسد كما من ينبوع، فلنسمع اذًا قول رسول المسيح: "ولا نكن ذوي عجب ولا نتغاضب ولا نحسد بعضنا بعضًا" (غلاطية 5: 26)، "بل كونوا ذوي رفق بعضكم ببعض، شفقاء مسامحين كما سامحكم الله في المسيح سيدنا" (أفسس 4 :32) الذي له المجد مع الآب والروح القدس الى دهر الداهرين آمين






حياة واقوال القديس باسيليوس الكبير

القديس باسيليوس الكبير


 
حياة باسيليوس

" تعالوا أيها الشعوب الأرثوذكسيين لنسجد للرب يسوع المسيح.. فإن الأصوات الصادقة التي للأنبا باسيليوس العامود المعظم قد ملأت كل العالم.. فمن يقدر أن ينطق بالقوات العظيمة والعجائب الكثيرة التي للأنبا باسيليوس؟
وأي لسان جسداني يستطيع أن يتلو كرامته ونسكياته؟ مرحبًا بقدومك إلينا في هذا اليوم يا معلم التوقى ومؤدب كل المسكونة.. الأنبا باسيليوس الأسقف."

بهذه الكلمة تقدم كنيستنا مديحًا ـ في الدفنار ـ للقديس العظيم باسيليوس الكبير رئيس أساقفة كبادوكية في تذكار نياحته الموافق 6 طوبةمن كل عام وهذه العبارات ناطقة ولا شك بمكانة هذا القديس في الكنيسة الجامعة. وكنيستنا على وجه الخصوص، لما أشتمل عليه من التقوى والفضيلة والعلم الديني الغزير. وجميع كتاباته معتمدة ومعتبرة، والكنيسة القبطية تذكره في قداسها الذي تصلي به على مدار السنة، بل إنها تصلي القداس الذي يحمل إسمه.


أسرة القديس
في السنوات القليلة التي تلت إنعقاد المجمع المسكوني الأول، وُلِدَ أكبر عضو فعاّل في الكنيسة بعد القديس أثناسيوس الرسولي، استطاع أن يناضل ضد الآريوسية، ويقف أمام معتنقيها ومؤيديها من أساقفة وأباطرة.

يتم التشغيل بواسطة Blogger.