القديس خريستوفر من بلاد اكله لحوم البشر

القديس خريستوفر من بلاد اكله لحوم البشر





حامل المسيح وشفيع المسافرين .قديس من رجال النصف الأول من القرن الثالث، نال شهرة عظيمة في بلاد وسط أوروبا بسبب كثرة معجزاته.ولد روبروبس Reprobos (اسمه قبل المعمودية) ومعناه عديم القيمة، أو أوفيرو ومعناه الحاملOffero ، في بلاد سوريا حوالي سنة 250م.

كان عملاقًا طويل القامة وضخم الجسم، وكان وجهه يحمل ملامح عنيفة ومخيفة، يدرب نفسه أن يكون مقاتلاً. تقول الروايات أنه إذ كان يخدم ملك كنعان فكر أنه يريد أن يصير خادمًا مطيعًا لأعظم ملك في العالم كله، فأخذ يبحث حتى وجد من ظن أنه أعظم ملك، فقبله الملك في خدمته وصار من خاصته.
اختير ليكون ضمن رجال الحرس الإمبراطوري وذلك لضخامة جسمه وشهامته. بسرعة فائقة تألق نجمه وصار رئيسًا للحرس الإمبراطوري. انكسر الإمبراطور في حرب، فانطلق أوفيرو يطلب خدمة الملك الغالب معتقدًا أنه أعظم ملك في العالم.
خدمته لرئيس هذا العالم في أحد الأيام كان المغني في حضرة الملك يغني أغنية فيها ذكر لاسم الشيطان. لاحظ أوفيرو على الملك الذي كان مسيحيًا أنه كثيرًا ما يرشم نفسه بعلامة الصليب كل مرة يُذكَر فيها اسم الشيطان. تعجب كريستوفر من ذلك، وسأل الملك عن معنى العلامة التي يكرر رشمها ملكه وسبب رشمه لها، فأجابه بعد تردد: كل مرة يُذكَر فيها الشيطان أخاف أن يتسلط عليَّ، فأرسم تلك العلامة حتى لا يزعجني. تعجب كريستوفر وسأله: هل تشك أن الشيطان يمكنه أن يؤذيك؟ إذن فهو أقوى وأعظم منك.
شعر أوفيرو أن ملكه ضعيف أمام إبليس فقرر أن يخدم الملك العظيم. وفي الليل انطلق من القصر، وجال من مكان إلى آخر يسأل عن إبليس. وإذ دخل صحراء واسعة فجأة وجد فرقة من الفرسان تتجه نحوه، وكان منظرهم كئيبًا للغاية. في شجاعة وقف أوفيرو أمام قائد الفرقة يعترض طريقه، وكان منظره مرعبًا.
عندئذ سأله القائد عن شخصه وسبب مجيئه إلى الغابة، فقال أنه يبحث عن الملك الذي يسود على العالم. أجابه القائد بكبرياء: أنا هو الملك الذي تبحث عنه! فرح أوفيرو وأقسم له أنه مستعد أن يخدمه حتى الموت، وأنه سيطيعه في كل شيء، وسيتخذه سيدًا له إلى الأبد.
القديس الشهيد كريستوفر (خريستوفر)
 
 
 
كان عدو الخير يثيره للهجوم على المدن في الظلام وقتل الكثيرين ليعود في الفجر إلى الصحراء مع جنود الظلمة. وكان أوفيرو معجبًا بهذا الملك العاتي وجنوده الأشرار الأقوياء . في ذات ليلة عاد أوفيرو إلى الصحراء، وفي الطريق وجد الفارس القائد ساقطًا، وكاد كل كيانه أن يتحطم. وكان جواده ساقطًا علي ظهره متهشمًا.
تطلع ليري ما وراء هذا كله فوجد صليبًا ضخمًا من الخشب على حافة الطريق، وقد أشرق نور منه. كان القائد مرتجفًا غير قادرٍ علي الحركة نحو الصليب. تعجب أوفيرو مما حدث وسأل الشيطان عن ذلك فرفض الإجابة، فقال له أوفيرو: إذا لم تخبرني سوف أتركك ولن أكون خادمك أبدًا.
اضطر الشيطان أن يخبره: كان هناك شخص اسمه المسيح عُلِّق على الصليب، وحين أرى علامته أخاف وأرتعد وأهرب من أمامها أينما وُجِدت.
إذا بخيبة الأمل تحل على أوفيرو الذي قال له: بما أنك تخاف من علامته فهو إذن أعظم وأقدر منك. لقد كنت مخدوعًا حين ظننت أني وجدت أعظم سيد على الأرض. لن أخدمك فيما بعد وسأذهب لأبحث عن المسيح لأخدمه. هرب القائد وكل جنوده وبقي أوفيرو أمام الصليب.
رفع عينه ليري تلك القوة العجيبة التي حطمت قوات الظلمة. هنا صرخ أوفيرو طالبًا أن يتبع سيده الجديد المصلوب. أخذ يبحث عن وسيلة ليجد السيد المسيح، وأخيرًا اهتدي إلى شيخ راهب قديس يعيش في كهفٍ مجهولٍ في حياة السكون ، حدثه عن الإيمان المسيحي بعد أن عرف قصته. قال له الشيخ الراهب: إن الملك الذي تريد أن تخدمه يطلب منك الصوم المستمر.
فأجاب أوفيرو: أطلب شئ آخر، لأنني لا أستطيع تنفيذ ما تطلبه فأنا املك هذا الجسد القوى الضخم الذى يحتاج للطعام الكثير ولا يقوى على الصوم.
فقال المتوحد: إذن عليك بالتبكير كل يوم من أجل الصلوات الكثيرة، فأجاب أوفيرو: وهذا أيضًا لا أستطيعه.
ثم قال المتوحد مرة أخرى: هل تعرف النهر الفلاني حيث يبتلع كثير من المسافرين أثناء الفيضان، ولا تستطع القوارب أن تقاوم تياره؟
أجاب أوفيرو: أعرفه جيدًا، فقال المتوحد: بما أن بنيانك قوي فعليك بالسكنى إلى جوار النهر وعليك أن تحمل كل من يريد أن يعبر النهر، وهذا العمل سوف يسعد الرب يسوع المسيح الذي تريد أن تخدمه، وأرجو أن يأتي اليوم الذي يظهر ذاته لك.
كان رد القديس: بالتأكيد هذه خدمة يمكنني تنفيذها وأعِدَك بذلك.
مضى أوفيرو إلى ذلك المكان بجوار النهر وبنى لنفسه كوخًا من الحجارة وغطاه بأغصان الشجر ليسكن فيه، وأحضر عصا كبيرة يمسكها بيده لتساعده على حفظ توازنه في الماء، وكان يجلس عند الشاطئ يساعد كل العابرين، وفي نفس الوقت كان يبعث فيهم السلام الداخلي بكلماته الروحية العذبة، واستمر يفعل ذلك مدة طويلة بدون توقف.
عاد أوفيرو إلى الراهب ليتدرب علي حياة العبادة الصادقة والخدمة لله. أخيرًا طلب منه أن يعود إلى النهر. امتلأت حياته بالفرح، ووجد لذته في التعب من أجل الآخرين غير أنه أحيانًا كان يحزن لعدم إمكانية الصلاة المستمرة. كما كان يتسائل هل حقاً غفر له الله كل جرائمه البشعة التى أرتكبها عندما كان عبداُ للشيطان.
في إحدى الليالي بينما كان الجو عاصفًا والأمطار شديدة سمع صوت طفلٍ يناديه من الخارج: خريستوفر أخرج إليَّ، واحملني عبر النهر. استيقظ القديس وفتح باب كوخه ليري ذاك الذي يتجاسر علي طلب العبور في وسط هذا الجو العاصف في الليل وسط الظلام. لكنه لم يرَ أحدًا فظنّ أنه كان يحلم. إذ أغلق الباب وتمدد على الأرض لينام سمع الصوت يناديه مرة أخري بوضوح باسمه طالبًا أن يحمله عبر النهر.
وقف للمرة الثانية علي باب كوخه فلم يرَ أحدًا. دخل كوخه وأغلق بابه وظل ينتظر فجاءه الصوت خافتًا في هذه المرة. قفز من مكانه وانطلق يبحث عن مصدر الصوت فوجد طفلاً على الشاطئ يطلب منه أن يحمله ويعبر به. بشجاعة حمله ونزل في الماء البارد، وسط التيار الجارف الخطير، وعرّض حياته للخطر.
سار به لكن بدأ ثقل الطفل يزداد عليه جدًا وسط هذا الجو الخطير. بالكاد عبر النهر بجهد جهيد وبلغ الضفة الأخرى ففرح انه خدم هذا الطفل وعبر به. وقال له: لقد عرضتني إلى خطر عظيم، وكنت ثقيلاً حتى تصورت أنني أحمل العالم كله فوقي ولا أعتقد أنه بإمكاني أن أحمل أكثر مما حملت اليوم.
قفز الطفل من على كتفيه، وأعلن عن شخصه أنه هو المسيح الرب ثم قال له: سيكون اسمك من الآن خريستوفر لأنك حملت المسيح. لا تتعجب لأنك كنت تحمل من خلق العالم كله فوق كتفيك. أنا هو يسوع المسيح الملك الذي تخدمه بعملك هذا، وحتى تتأكد مما أقول اغرس عصاك بجانب الكوخ وسترى أنها غدًا تُخرِج لك زهورًا وثمارًا، ثم اختفى الطفل عنه.
نفذ خريستوفر الأمر وفي الصباح وجد عصاه مثل النخلة وتحمل زهورًا وأوراق وبلحًا. عاد خريستوفر يخدم الجميع بوداعةٍ وحبٍ شديدٍ.
ذهب القديس إلى مدينة ليسيا Lycia ولكنه لم يفهم لغتهم،
فصلَّى إلى الله أن يفهمهم فأعطاه الله طلبه. وأثناء صلاته ظنه الناس مختلاً فتركوه ومضوا، فلما فهم لغتهم غطى وجهه ومضى إلى مكان استشهاد المسيحيين فعزَّى الموجودين باسم الرب. لما رأى القاضي ذلك ضربه على وجهه، فرد قائلاً: لولا وصية المسيح التي تعلمني ألا أقابل الإساءة بمثلها لما كنت أنت وجنودك تحسبون شيئًا أمامي.
غرس عصاه في الأرض وصلَّى إلى الله أن تحمل زهورًا وثمارًا من أجل إيمان الموجودين، فتم له ذلك حتى آمن ثمانية آلاف رجل. أرسل القائد إلى ديسيوس الملك يروي له ما حدث، حينئذ أرسل الملك اثنين من فرسانه ليبحثا عنه، فوجداه يصلي ولم يجسرا على الطلب منه.
القديس الشهيد كريستوفر (خريستوفر)
 
 
أرسل إليه الملك عدة مرات وأخيرًا أرسل مائتين جنديًا. سألهم القديس بعد انتهائه من الصلاة: ماذا تريدون؟ فلما نظروا في وجهه أجابوه: أرسلنا الملك لنحضرك مقيدًا إليه. قال لهم: لن تأخذونني إليه مقيدًا أو غير مقيد،
فأجابوه: اذهب إذن في طريقك وسوف نقول للملك أننا لم نجدك. أجابهم خريستوفر: لا يكون هكذا بل سأذهب معكم. وفي الطريق إذ فرغ الطعام ولم يبقَ سوى القليل جدًا من الخبز، صلى القديس على الخبز وبارك فصار كثيرًا جدًا، حتى دهش الجند وآمنوا بالسيد المسيح. وحين بلغوا إنطاكية اعتمد الجند على يديّ البطريرك بولا. حين رآه الملك ارتعب من منظره حتى سقط عن كرسيه، ثم سأل القديس عن اسمه ومدينته، فأجاب خريستوفر: قبل أن أتعمد كان اسمي ريبروبُس وبعد المعمودية خريستوفر. قبل المعمودية كنت من كنعان، وبعدها أنا إنسان مسيحي.
قال الملك: إن لك اسم غبي إذ تتذكر المسيح المصلوب الذي لم يستطِع أن يساعد نفسه وبالتالي لن يكون ذا منفعة لك. فلماذا إذن تلعن كنعان ولماذا لا تقدم قرابينك للآلهة؟
كان رد القديس حادًا: إنك بالحقيقة تدعى داجنَس Dagnus لأنك تحمل موت العالم وتابع للشيطان، وآلهتك ما هي إلا صنعة أيدي الناس.
أجاب الملك: لقد تربيت وسط الحيوانات المتوحشة ولذلك لا يمكنك النطق إلا بلغة متوحشة وكلمات غير معروفة للناس، وإذا قَرَّبت الآن للآلهة فسوف أمنحك عطايا وكرامة جزيلة، أما إذا رفضت فسوف أدمرك وأقضي عليك من فرط الألم والتعذيب.
رفض القديس الوعود والتهديد فسجنه الملك بينما أمر بقطع رؤوس كل فرسانه الذين آمنوا على يد خريستوفر. أرسل الملك امرأتين إلى السجن ووعدهما بعطايا جزيلة إذا استطاعا إسقاط خريستوفر معهما في الخطية، أما القديس فحين رأى ذلك أخذ يصلي طالبًا المعونة من الله.
وقف أمامهما قائلاً: ماذا تطلبان؟ وما الذي أتى بكما إلى هنا؟ خافت المرأتان من منظره وتأثرتا بصفاء وجهه فقالتا: أشفق علينا يا قديس الله حتى نؤمن بالإله الذي تبشر به. حين سمع الملك بذلك أمر بإحضارهما أمامه وهددهما بالتعذيب والقتل إن لم يقرِّبا للآلهة،
فأجابتاه: إذا كانت رغبتك أن نقرِّب للأوثان فأمر بإعداد الهيكل وتنظيفه وأحضر كل رجالك إليه. وحين تم لهما ما طلباه دخلا الهيكل ولفَّا حزاميهما حول أعناق الآلهة وجذبوها بقوة فسقطت إلى الأرض وتحطمت، ثم قالتا للموجودين بسخرية: استدعوا الأطباء لعلاج آلهتكم.
أمر الملك فعُلِّقت واحدة ورُبِط ثقل عظيم في قدميها حتى تمزقت أعضاؤها وأسلمت الروح، أما الأخرى فأُلقِيت في وسط النار فلم تؤذِها فقطعوا رأسها واستشهدت.
أُحضِر خريستوفر أمام الملك فأراد أن يذيقه الآلام، فأمر بإلقائه في قدر وأن يُوقد نار تحته. فوقف في القدر يخاطب الحاضرين كمن هو في فردوسٍ مفرحٍ أو داخل كنيسة، يعلن لهم عن محبة الله ورعايته وخلاصه الأبدي.
تأثر الحاضرون ودهشوا كيف يحول الله النار إلى بردٍ ويعطي شهداءه حبًا للآخرين وسلامًا، فآمنوا بالسيد المسيح وعندئذ أمر الملك بتقطيع أجسادهم بالسيوف.
أمر بضربه بقضبان حديدية ووضع صليب من حديد ملتهب فوق رأسه، ثم أعد له كرسيًا من حديد أجلسه عليه وأشعل تحته، فاحترق الكرسي مثل الشمع بينما لم يتأثر القديس وخرج سالمًا.
إذ رأى الملك ذلك أمر بربطه وضربه بالسهام بواسطة أربعين من فرسانه الأشداء، فلم تصبه أيِّ من السهام بل كانت تتعلق في الهواء دون أن تلمسه، وحدث أن ارتد أحد هذه السهام وأصاب عين الملك فأعماه.
فقال له القديس: غدًا سوف أموت فاصنع طينة صغيرة من دمي واطلي بها عينيك وسوف تشفى. أمر الملك فقطعوا رأسه بحد السيف وهكذا نال إكليل الاستشهاد. ثم أخذ الملك قليل من دمه ووضعه على عينيه وقال: باسم إله خريستوفر فبرئ في الحال.
يحتفل ذكرى إستشهاده 2 برمودة.
ويعتبر شفيع المسافرين والسائقين وعابرى الانهار.








V هو قديس ولد في بلاد سورية سنة 250 م وإسمه الأول قبل توبته رروبروبس ومعناه عديم القيمة ، وله إسم آخر هو إفرو ، ومعناه الحامل ، وربما تناسب هذا الإسم الأخير مع صفاته الجسيمة المخيفة ، وكان عملاقاً طويل القامة وضخم الجثة ولذلك درب نفسه منذ صباه ليكون مقاتلاً .. وأحب إفرو هذا النوع من العمل لا لهدف معين سوى أن يظهر قوته البدنية والوحشية ، وكان أهم ما يشغل إفرو أنه يكون من الغالبين ، وكان أحب شئ إلى نفسه أن يكون تابعاً لأعظم القواد ويخضع بكل قواه لأقوى ملك غالب في الحروب .
V عاش إفرو في بلاد يحكمها الإغريق في ذلك الوقت ، فعينوه بين رجال الحرس الإمبراطوري نظراً لضخامة منظره ، فتألق نجمه سريعاً إلى أن تقلد رتبة رئيس الحرس الإمبراطوري لكن سرعان ما إنكسر هذا الإمبراطور في حرب من الحروب مما جعل إفرو أن يتركه ويتطوع في جيش الملك الغالب معتقداً فيه أنه أعظم ملك في العالم .
V قادته أفكاره الخاطئة المتدفقة نحو الشر أن يشك في ملكه الجديد ويتهمه بالعجز حين رأى هذا الملك يرشم ذاته بعلامة الصليب المقدس مراراً كثيرة ، وحين سأله بكل جراءة عن سبب ذلك ، أجابه الملك بأن هذه هي العلامة المقدسة التي تحفظه وتحميه من ملك الشر ، فجعل إفرو يفقد الثقة في ملكه أنه أعظم ملك ، فكان مندهشاً من شدة خوف الملك من الشيطان كأنه قوة عظيمة ، ومن ذلك الوقت قرر أن يلوذ بالفرار ، وإنتهز إفرو فرصة الملك وضباطه ليلاً نيام ، وتسلل من القصر قابضاً على سيفه بيده مودعاً مكان القصر .
V ذهب هائماً على وجهه بحثاً عن الملك المجهول الذي يخافه الجميع ، وقال في نفسه سأخدم ذلك الشيطان الذي له قدرة أن يخطف الأرواح ويهلكها ، فلابد أنه أشجع محارب في العالم ... وظل يتجول بالليل والنهار باحثاً عن الملك القوي الذي لا يقهره أحد .
V في اليوم التالي لخروجه من قصر الملك المسيحي ، وفي الصباح وجد إفرو نفسه في قلب غابة هائلة تتشابك أغصانها وقد ملآت الرطوبة أرضها ، وفجأة وجد فرقة من الفرسان تتجه نحوه ، وكان منظرهم كئيباً كالظلام القائم .. لهم قائد يرتدي ملابس حربية سوداء تعلو خوذته ريشة سوداء ، وقد شد على جواده ، ولم يقف أو يرتجل عندما رأى إفرو بجسمه الطويل الضخم يعترض طريقه ، بل سأله عابساً عن سبب مجيئه إلى الغابة ( كأن الغابة هي مكان خاص بهذا القائد ) فقص له إفرو قصته بشجاعة جعلت هذا الفارس الأسود يضحك عالياً وهو يقول بكبرياء " أنا هو الملك الذي تبحث عنه " وأكد له أنه أعظم قوة محركة للشر في العالم فإن كان جريئاً فليتبعه ، فإبتسم إفرو مسروراً لأنه وجد أعظم ملك في العالم وأمسك بسرج حصان هذا الفارس وأقسم قائلاً أنه على إستعداد أن يموت فدى خدمته .
V ثم سارت الفرقة وعلى رأسها إبليس ومعه الجندي المحارب الجديد إفرو الذي ملأ الكبرياء قلبه وإعتز بقوته فقرر أن يطيع ملكه الجديد طاعة عمياء مهما كانت أوامر هذا الملك قاسية .
V ظل إفرو في خدمة ملكه العاتي الشرير لأنه كان يراه يجول كأسد زائر يريد أن يبتلع كل مَن يراه ويحطم كل شئ في طريقه ، وإفرو فرح ومسرور بكل ما يشاهده .
V في ليلة بعد رجوعهم من نهبهم وتحطيمهم لمدن كثيرة وقتل ودمار ، وفي الطريق إلى الغابة فوجئ إفرو بأن الفارس الأسود يقف وكأنه صُدم بجدار ، فإرتد جوادهالضخم إلى الخلف متهشماً أمام صليباً كبيراً من الخشب قد نُصب على حافة الطريق المؤدي إلى الغابة ، وكان نور الفجر قد أضاء الجسم المعلق عليه ، والفارس ساحب اللون واقف مكانه لم يتجاوز الصليب بينما صرخ الجندي إفرو صرخة تعبر عن خيبة الأمل ، وأخيراً وجد القائد والجنود يولون هاربين أمام الصليب والمصلوب .
V وجد إفرو نفسه أمام الصليب وحده ورفع عينيه في هذا الهدوء بعد هروب الجميع متأملاً الصليب ، فشعر أن قلبه يتحطم ويذوب وتأكد أنه وصل أخيراً إلى أعظم قوة في الوجود .
V وهنا تذكر إفرو قائده القديم والملك الذي كان يرشم ذاته على مثال هذه العلامة وندم على ما نسبه إليه ظلماً من الضعف ، ولأول مرة شعر بوجوده أمام قوة جبارة تفوق قوى كل الملوك الذين خدمهم سابقاً ، وقرر بعزم وإصرار أن يكون سيده الجديد هو هذا المصلوب .
V لكن وقف أمام الصليب يفكر ماذا يقدم للمصلوب من خدمات ولا يعرف عنه شئ ، كل ما يعرفه هو أن الفارس الأسود تحطم أمامه .
V أخذ في التجوال يسأل كل مَن يقابله عن الملك الجديد الذي يريد أن ينضم إليه .
V أخيراً إهتدى إفرو إلى شيخ راخب قديس كان يعيش في كهف مجهول بعيداً عن المدينة ، وتكلم معه الشيخ عن المسيح الذي كان يبحث عنه وحدثه عن موته وقيامته ، وعندما إنتهى الشيخ من كلامه قام مسرعاً إلى سيفه ورماه بعيداً ، وتأكد أن ملكه الجديد لا يحتاج إلى هذا السيف ، فطلب من الشيخ القديس أن يعلمه كيف يخدم المسيح .
V أرسله الشيخ الراهب إلى الأسقف بابليوس أنطيوخس أسقف المنطقة الذي عمده وصيره مسيحياً .
V وبدأ الناسك الشيخ يعلم التائب الجديد ما يجب عليه أن يفعله ، أولاً الصلاة ليلاً ونهاراً، فصرخ الجندي لأنه لم يتعود على الصلاة كل حين ، فرجع إلى الشيخ يسأله شئ آخر يفعله، فطلب منه أن يصوم بضعة ساعات كل يوم ، وهو الغير متعود على الصوم فصرخ إلى الشيخ ، فطلب منه الشيخ أن يصلي صلاة قصيرة يوجه فيها نظره نحو الله وكل أفكاره .
V فتح الشيخ الكتاب المقدس لكي يعلم إفرو كلمة الله ، وفي رسالة معلمنا يعقوب عندما وجد " هكذا الإيمان أيضاً إن لم يكن له أعمال ميت في ذاته " وهنا توقف عن القراءة ونظر إلى إفرو وقال له " إن هناك نهراً كبيراً إبتلع كثيراً من المسافرين بفيضانه وهياج أمواجه ، فإن أنت تريد تقديم خدمة من أجل سيدك الجديد ، فعليك أن تساعد المسافرين وأنها خدمة تحتاج إلى جهد كبير وصبر طويل .
V فرح إفرو وإمتلأ قلبه بالبهجة إذ وجد ضالته في أن يخدم سيده الجديد .
V بنى لنفسه مأوى من الحجارة وسقفها بفروع الشجر وقطع غصناً غليظاً ليتكئ عليه كعصا عند الفيض ، وجلس يراقب المسافرين ، وقد أنقذ حياة الكثيرين من رجال وشباب ونساء وأطفال ، كما كان يحافظ على العربات من التحطيم .
V وفي ليلة وهو غارق في نومه بينما الرياح تصفر من حوله والمطر ينهمر بشدة ، سمع صوتاً ينادي بإسمه ، وكان المنادي يطلب أن يساعده في عبور النهر ، ففتح باب كوفه ليرى مَن الذي يريد العبور في تلك الليلة العاصفة لكنه لم يرى أحد فأغلق بابه وتمدد على الأرض لينام ولكن سمع الصوت للمرة الثانية فخرج ولم يرى أحد فأغلق الباب وظل يترقب الصوت ثانية ، وبعد فترة سمع نفس الصوت ففتح الباب ووجد طفل على الشاطئ يريد العبور ، فحمله على كتفه ماسكاً عكازه ونزل إلى الماء البارد ، وكانت دوامات كثيرة في النهر ، وإذا به يجد أن ثقل الطفل الذي على كتفه يزداد لدرجة ألمت منكبيه لكنه جاهد في العبور وإنحنى ظهره من ثقل حمل الطفل لدرجة أن عكازه إنثنى تحت يديه ، ولكنه أخذ يجاهد بلا ملل وبنشاط متحاملاً على الأمواج والعواصف .
V وأخيراً وصل إلى الضفة الأخرى فشعر بإرتياح كبير لأنه أدى واجبه للنهاية حين قفز الطفل من على كتفيه ، فإنتصب إفرو وشكر الله وقال " لقد كنت أشعر كإني أحمل الدنيا بأسرها " فإلتفت إليه الطفل وقال " إنها الحقيقة لأنك حملت الذي حمل خطايا العالم كله " فجمد إفرو في مكانه إذ أملأت الدهشة كل كيانه حين سمع هذه الكلمات ، وعرف أن الذي حمله هو المسيح ذاته ، فقال له السيد المسيح " سيكون إسمك منذ الآن خرستوفر لأنك حملت المسيح .. إرجع الآن إلى كوخك وإغرس عكازك في الأرض قبل أن تنام " وفي اليوم الثاني وجد عكازه أصبح شجرة تحمل زهراً وورقاً وتمراً .
V عاش خريستوفر بجوار النهر بقية حياته مداوماً على خدمة سيده المسيح ، وسمع أن إمبراطوراً قاسياً إستعبد المسيحيين فترك كوخه وعاش بين المسيحيين المستعبدين يخدمهم ، فقبض الملك عليه وسجنه ، وآمن المساجين بالسيد المسيح على يديه ، فقتلهم الإمبراطور ، وزاد في تعذيب القديس .. في النهاية أمربقتله وأصبح شفيع السائقين ، وكانوا يضعون صورته على سياراتهم .

بركة هذا القديس الشهيد تكون معنا أمين .







الشهيد خريستوفورس (القرن الثاني)

جلّ ما نعرفه عنه من المصادر القديمة أنه استشهد في آسيا الصغرى، على زمن الإمبراطور ذاكيوس، وكان اسمه قبل أن يصير مسيحياً ربروبوس أي العديم القيمة. قيل أنه من البلاد السورية كما ارتبط اسمه بـ "ليسيا" في آسيا الصغرى، وآخرون يقولون أنه ينحدر من قبيلة سينوسيفال (أي ذوات الرؤوس التي تشبه رؤوس الكلاب) من مقاطعة تساليا. وصار مسيحياً في أنطاكيا.

كان من أتباع الشيطان وذات مرة لاحظ أن الشيطان يهاب صليب المسيح. وهكذا أتى إلى المسيح. وفي اقتباله الإيمان بيسوع، ورد أنه لما كان يبحث عن المسيح اهتدى إلى شيخ قديس يعيش في كهف. هذا حدثه عن المسيح. قال له الشيخ: أن الملك الذي تريد ان تخدمه يطلب منك الصوم باستمرار. فأجابه: أطلب شيئاً آخراً لأنني لا أستطيع تلبية ما تطلبه. فقال الشيخ: إذن عليك الصحو باكراً كل يوم من أجل صلوات كثيرة. قأجاب: وهذا أيضاً لا أستطيعه. أخيراً قال له الشيخ: هناك نهر قريب من هنا، يبتلع كثير من المسافرين أثناء الفيضان، ولا تستطيع القوارب مقاومة تياره، فبما أن بنيانك قوية، فعليك بالسكنى بجوار النهر وأن تحمل كل من يريد أن يعبر النهر. وهذا العمل سوف يرضي الرب يسوع الذي تريد أن تخدمه. وأرجو أن يأتي اليوم الذي يُظهر ذاته فيه لك. فأجاب: بالتأكيد هذه الخدمة أستطيعها.

بني خريستوفورس كوخاً بجوار النهر، وأخذ يساعد المسافرين في عبور النهر. وبعد مرور ردحة من الزمن، وفي احدى الليالي كان الجو عاصفاً والأمطار شديدة فسمع صوت طفل يناديه من الخارج: خريستوفوروس هلمّ خارجاً واحملني عبر النهر. عاد إليه الصوت ثلاث مرات. أخيراً خرج يبحث عن مصدر الصوت فوجد طفلاً على ضفة النهر يطلب منه نقله إلى الضفة الأخرى. فحمله بشجاعة ونزل في الماء البارد، وسط التيار الجارف معرضاً نفسه للخطر. وسار به ولكن بدأ ثقل الطفل يزداد عليه جداً وسط هذا الجو الخطر. وبالجهد بلغ الضفة الثانية. فلما وصل قفز الطفل عن كتفيه وأعلن عن نفسه أنه الرب يسوع نفسه وقال له: سيكون اسمك من الآن خريستوفورس (أي حامل المسيح) لأنك حملت المسيح، وأعطاه الرب علامه وقال له أغرس عصاك بجانب كوخك وفي الغد ستزهر وتثمر لك أثماراً. وبالفعل في صباح اليوم الثالي رأى خريستوفورس العصا مثل النخله تحمل زهوراً وأوراق بلح.

ألقي القبض علي قديسنا بسبب إيمانه بالمسيح، أرسل ذاكيوس مئتي جندي لجلبه. في الطريق جرت أعجوبة تكثير الخبز فأكل الجنود كلهم وشبعوا، بنتيجة ذلك صار الجميع مسيحيين، ولاقوا حتفهم قطعاً للأعناق وحرقاً إثر دراية ذاكيوس بأمرهم.

أراد ذاكيوس الملك استمالة خريستوفورس إليه، فأودعه في السجن وفي الليل أرسل له عاهرتان ليغويانه ويجعلانه يخضع للأوثان. فكانت النتيجة عكسية إذ اهتدت العاهرتان إلى الإيمان بالمسيح، فقتلهما ذاكيوس وكان اسم المرأتان كلينيكا وأكلينا. أما خريتوفوروس فبعد سلسلة من العذابات قطع رأسه.

رفاته موجودة اليوم في دير القديس ذيونيسيوس في فرنسا، وجمجمته في دير كاركالو في آثوس، وهناك أجزاء منها في دير ذيونوسيو في آثوس ودير يوحنا الحبيب في جزيرة بطمس.

تعيّد له الكنيسة الرومية الأرثوذكسية في التاسع من شهر أيار.


0 التعليقات:

إرسال تعليق

سلام ونعمه

يتم التشغيل بواسطة Blogger.