ما أجمل إله المسيحيينْ!

ما أجمل إله المسيحيينْ!

الكاتب الأردني العلماني "المسلم الأصل" جهاد علاونة.

إله المسيحيين يعجبني جدا,
فهو معي حاضرا في وجداني أينما ذهبتُ وأينما جلستُ وأينما نمت وأينما صحوت,
وحين يستبدُ بي الشوق إلى المقامات الرفيعة ألجئ إليك يا إلهي في اللحظات الأخيرة لأني أعرف أنك معي ودائما في صفي حتى وإن انتقدتك في بعض المواقف,
وحتى وإن أضعتك في الطريق أشعر دائما بأنك تبحثُ عني حتى تجدني وتنور دربي,
أنت لست ماكرا ولا مخادعا ولا مزهوا بنفسه,
وأنت لست قاتلا ولا تحب اللون الأحمر وترفض إراقة الدماء وترفض قطع الرؤوس,
وحين كفرتُ بك وكان هذا عدة مرات, كنت أشعر بأنك مسالم جدا وتدافع عني وتجد وتخلق لي الكثير من الأعذار,
ولا تقاتل من لا يعبدك ولا تقطع يد من يكفر بك أو من يسرق رغيفا من الخبز,
أنت إله تستحق أن تعبد ولك معي كثيرا من المواقف التي أحسد عليها,
فمن هو الذي أخرجني من حزني وبؤسي إلا أنت؟
ومن هو الذي أعادني للحياة إلا أنت!
ومن هو الذي توسد معي وسادتي إلا أنت!
ومن هو الذي أنقذني من نفسي إلا أنت!
,فإن لم يكن أنت فمن يكون هو!
وإن لم تكن أنت صديقي فمن هو صديقي!
أنا ليس لي أصدقاء إلا أنت,وليس لي إخوان إلا أنت,
وليس لي رفاق إلا أنت,
وأبي مات منذ كنت طفلا صغيرا وكنت وما زلت تحل محل أبي, تضع يدك على رأسي وتملئ معدتي بالماء وبالطعام.

حين يعتريني الحزن تظهر لي فجأة في الطريق,
وحين أضع رأسي على وسادتي تظهر لي ملوحا من مكان قريب لتقول لي:نم قرير العين فأنا قريبٌ منك,
أشكرك يا هذا الإله الذي يحترم نفسه ويحترم أبناءه,
أنت أبي وأنا ابنك ودائما ما أشعرُ بأنني ابنك وليس عبدك,
فمن يوم أن عرفتك ودعت تاريخ العبيد والعبودية وصرتُ إنسانا آخر,
من يوم عرفتك وأنا أشعرُ بأنني شخصٌ آخر,
من يوم مددت لي يدك وأنا أشعرُ بأنني شخصٌ آخر,
ومن يوم عرفتك ودعتُ أيام الجوع وأيام العطش وبدأت معك عصرا ذهبيا,
يالك من إله تستحق أن تكون أبا عن جداره وأستحقُ أن أكون واحدا من أبنائك,
أنت رفيقي الوحيد في هذا الدرب البعيد,
وأنت يتزامن دوما حضورك في دمائي مع تزامن الشمس والهواء في كياني,
ودائما حضورك يعجبني
ودائما ما يكون الحديث معك شيقا,
والنقاش معك جيدا,
حتى الخصامُ معك جيدا,
ذلك أنك رحيمٌ حتى بكل الذين يتشككون في وجودك,
أما من ناحيتي فقد اعتدتُ عليك وعلى حضورك في روحي وفي دمي وفي مائي الذي أشربه وفي هوائي الذي أتنفسه.

أنت تحبني كثيرا وتحب أن تراني أركب الموجة العالية لتشعرني أنك معي كلما أحسستُ بالخطر,
وحين يجرفني التيار معه وخلفي حبات الرمل والحصى,
أرفعُ إليك يدي وأستسلم لك,
وحين تأخذني الأحلام بعيدا وتطير بي إلى أعالي السماء أعرف بأنك أنت وحدك من يقدر على إرجاعي إلى الأرض,
إن قصة عشقنا لبعض ليست وليدة الصدف,
وإن قصتنا حبنا لبعض ليست من اليوم بل هي منذ الأزل,
منذ أن كنا سوية في عالم الروح وما وراء الميتافيزيقيا,
 وحين تستبدُ الأيام بي أعرف بأنك تقف لها بالمرصاد لكي تتوقف عن قهري وإذلالي,
أنت وحدك من يعرفني وكل الناس تجهلني فلا أحد غيرك يعرف ما بي ولا أحد غيرك يعرف أحلامي وتطلعاتي حين أمد بصري إلى السماء.

بالأمس كنت حاضرا معي وعلى أهبة الاستعداد للدفاع عني في كل المواقف,
كنتُ أدرك حجم المشكلة ولكن إيماني الوحيد بك يجعلني أستسلمُ إليك وأنهض من غفوتي لأسطر ملحمة جديدة.
وكل الناس لا يعرفون متى بدأت ومتى سأنتهي ولا أحد يعرف خطتي غيرك أنت,
أنا خطتي أن أسيطر على المشاعر وعلى القلوب ولا أهتم بالسيطرة على العالم وعلى السياسات والهيمنة على الدول والأفراد والمجتمعات,
أنا أريد منك أن تساعدني في أن أسيطر على حواسي كلها وأن أجعلها دوما حاضرة معك,
أريد منك فقط أن تمد لي يدك أو إصبعك وأنا أغرق في مشاعري وأحزاني وأفراحي,
أريد منك أن تنتشلني وأن تنقذني من هواجسي ومن رغباتي,
أريد منك أن تبقى دوما معي حتى وإن تخليت عنك,
فكم تخليت عنك وفي نفس الوقت كنت ترفض أن تتخلى عني,
كنت ترفضُ أن تدوسني أو أن تنساني كما نسيتك عدة مرات,
ما أجملك من إله دوما تحافظ على صحتي وسلامتي النفسية والعاطفية والجسدية.


0 التعليقات:

إرسال تعليق

سلام ونعمه

يتم التشغيل بواسطة Blogger.